so:text
|
منذ ذلك اليوم الذي تلوثت فيه يد سيدنا قابيل
بدم سيدنا هابيل؛
منذ ذلك اليوم الذي أصبح فيه أبناء آدم
هدفًا لرسل المولى سبحانه وتعالى؛
غلت في دمائهم سموم العداوة المريرة،
ولقيت الإنسانية حتفها،
مع أن آدم كان حيًا.
منذ ذلك اليوم الذي ألقى فيه إخوة يوسف
أخاهم في غيابة الحب؛
منذ ذلك اليوم الذي بنوا فيه سور الصين بالسياط والدماء؛
لقيت الإنسانية حتفها.
ثم امتلأت الدنيا بالآدميين،
وأخذت هذه الطاحونة تدور وتدور،
وها قد مضت قرون وقرون منذ موت آدم،
ولكن وا أسفاه...
لم تعد الإنسانية.
وقرننا
هو عصر موت الإنسانية؛
فقد خلا صدر الدنيا من كل شيء طيب،
وأصبح الحديث عن الحرية والطهارة والمروءة بلهًا وجنونًا،
وأصبح الحديث عن موسى وعيسى ومحمد في غير موضعه،
وقرن موسى هو قرن العصى.
وأنا من تجري الدموع في عيني وتثور الكراهية في حلقي
بسبب ذبول غضن ورد،
أو نظرة صامتة لطفل مريض،
أو صراخ طائر القناري في قفصه،
أو أحزان رجل مقيد بالسلاسل،
أو حتى قاتل فوق المنشقة.
وفي هذه الأيام السم في قدحي وسم الأفعي في قِدري،
فهل أصدق من أين يأتي الموت؟
ليس الحدث حديث ذبول ورقة؛
إنما هم يحيلون الغابة إلى صحراء
ويخفون اليد الملطخة بالدم أمام أعين الناس،
وأي حيوان لا يبيح لغيره من الحيوانات
أن يفعل ما يفعله هؤلاء الناس بروح الإنسان.
ليس الحديث حديث ذبول ورقة،
افترض أن موت طائر القناري في القفص ليس موتًا،
وافترض أن الدنيا لم ينبت فيها غصن ورد على الإطلاق،
وافترض أن الغابة كانت منذ الأزل
صحراء مظلمة ساكنة،
وأنت صابر على تلك المصائب بين الناس،
إن الحديث حديث موت المحبة وموت العشق،
إن الحديث حديث موت الإنسانية. (ar) |